كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



كذلك كتب كاتب مسيحي آخر (اسمه يورجا) يقول: ابتدأ الصليبيون سيرهم على بيت المقدس بأسوأ طالع، فكان فريق من الحجاج يسفكون الدماء في القصور التي استولوا عليها. وقد أسرفوا في القسوة فكانوا يبقرون البطون. ويبحثون عن الدنانير في الأمعاء! أما صلاح الدين، فلما استرد بيت المقدس بذل الأمان للصليبيين، ووفى لهم بجميع عهوده، وجاد المسلمون على أعدائهم ووطأوهم مهاد رأفتهم، حتى أن الملك العادل، شقيق السلطان، أطلق ألف رقيق من الأسرى، ومنّ على جميع الأرمن، وأذن للبطريرك بحمل الصليب وزينة الكنيسة، وأبيح للأميرات والملكة بزيارة أزواجهن.
ولا يتسع المجال في الظلال لاستعراض ذلك الخط الطويل للحروب الصليبية- على مدار التاريخ- ولكن يكفي أن نقول: إن هذه الحرب لم تضع أوزارها قط من جانب الصليبية. ويكفي أن نذكر ماذا حدث في زنجبار حديثاً. حيث أبيد المسلمون فيها عن بكرة أبيهم، فقتل منهم اثنا عشر ألفاً وألقي الأربعة الآلاف الباقون في البحر منفيين من الجزيرة! ويكفي أن نذكر ماذا وقع في قبرص، حيث منع الطعام والماء عن الجهات التي يقطنها بقايا المسلمين هناك ليموتوا جوعاً وعطشاً، فوق ما سلط عليهم من التقتيل والتذبيح والتشريد! ويكفي أن نذكر ما تزاوله الحبشة في اريترية وفي قلب الحبشة، وما تزاوله كينيا مع المائة ألف مسلم الذين ينتمون إلى أصل صومالي، ويريدون أن ينضموا إلى قومهم المسلمين في الصومال! ويكفي أن نعلم ماذا تحاوله الصليبية في السودان الجنوبي!
ويكفي لتصوير نظرة الصليبيين إلى الإسلام أن ننقل فقرة من كتاب لمؤلف أوربي صدر سنة 1944 يقول فيه؟
لقد كنا نخوّف بشعوب مختلفة، ولكننا بعد اختبار، لم نجد مبرراً لمثل هذا الخوف.
لقد كنا نخوّف من قبل بالخطر اليهودي، والخطر الأصفر، وبالخطر البلشفي. إلا أن هذا التخويف كله لم يتفق كما تخيلناه. إننا وجدنا اليهود أصدقاء لنا، وعلى هذا يكون كل مضطهد لهم عدونا الألد! ثم رأينا أن البلاشفة حلفاء لنا، أما الشعوب الصفراء فهنالك دول ديمقراطية كبرى تقاومها. ولكن الخطر الحقيقي كامن في نظام الإسلام، وفي قوته على التوسع والإخضاع، وفي حيويته.. إنه الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوربي.
ولا نستطيع أن نمضي أبعد من ذلك في استعراض تاريخ تلك الحرب العاتية التي أعلنتها الصليبية على الإسلام وما تزال.. وقد تحدثنا من قبل مراراً في أجزاء الظلال السابقة- بمناسبة النصوص القرآنية الكثيرة- عن طبيعة هذه المعركة، الطويلة، ومسائلها وأشكالها. فحسبنا هذه الإشارات السريعة هنا بالإحالة على بعض المراجع الأخرى القريبة.
وهكذا نرى من هذا الاستعراض السريع- بالإضافة إلى ما قلناه من قبل عن طبيعة الإعلان الإسلامي العام بتحرير الإنسان. وتحفز الجاهلية في الأرض كلها لسحق الحركة التي تحمل هذا الإعلان العام وتنطلق به في الأرض كلها- أن هذه الأحكام الأخيرة الواردة في هذه السورة، هي المتقضى الطبيعي لهذه الحقائق كلها مجتمعة؛ وأنها ليست أحكاماً محددة بزمان، ولا مقيدة بحالة. وإن كان هذا في الوقت ذاته لا ينسخ الأحكام المرحلية السابقة النسخ الشرعي الذي يمنع العمل بها في الظروف والملابسات التي تشابه الظروف والملابسات التي تنزلت فيها. فهناك دائماً طبيعة المنهج الإسلامي الحركية، التي تواجه الواقع البشري مواجهة واقعية، بوسائل متجددة، في المراحل المتعددة.
وحقيقة أن هذه الأحكام النهائية الواردة في هذه السورة كانت تواجه حالة بعينها في الجزيرة؛ وكانت تمهيداً تشريعياً للحركة المتمثلة في غزوة تبوك، لمواجهة تجمع الروم على أطراف الجزيرة مع عمالهم للانقضاض على الإسلام وأهله- وهي الغزوة التي يقوم عليها محور السورة- ولكن وضع أهل الكتاب تجاه الإسلام وأهله لم يكن وليد مرحلة تاريخية معينة.
إنما كان وليد حقيقة دائمة مستقرة؛ كما أن حربهم للإسلام والمسلمين لم تكن وليدة فترة تاريخية معينة. فهي ما تزال معلنة ولن تزال.. إلا أن يرتد المسلمون عن دينهم تماماً!.. وهي معلنة بضراوة وإصرار وعناد، بشتى الوسائل على مدار التاريخ! ومن ثم فهذه الأحكام الواردة في هذه السورة أحكام أصيلة وشاملة وغير موقوتة بزمان ولا مقيدة بمكان.. ولكن العمل بالأحكام إنما يتم في إطار المنهج الحركي الإسلامي، الذي يجب أن يتم الفقه به، قبل أن يتحدث المتحدثون عن الأحكام في ذاتها. وقبل أن يحمل واقع ذراري المسلمين- الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا العنوان- وضعفهم وانكسارهم على دين الله القوي المتين!
إن الأحكام الفقهية في الإسلام كانت- وستظل دائماً- وليدة الحركة وفق المنهج الإسلامي. والنصوص لا يمكن فهمها إلا باستصحاب هذه الحقيقة.. وفرق بعيد بين النظرة إلى النصوص كأنها قوالب في فراغ؛ والنصوص في صورتها الحركية وفق المنهج الإسلامي. ولابد من هذا القيد: الحركة وفق المنهج الإسلامي فليست هي الحركة المطلقة خارج المنهج؛ بحيث نعتبر الواقع البشري هو الأصل أياً كانت الحركة التي أنشأته، ولكن الواقع البشري يصبح عنصراً أساسياً في فقه الأحكام إذا كان قد أنشأه المنهج الإسلامي ذاته.
وفي ظل هذه القاعدة تسهل رؤية تلك الأحكام النهائية في العلاقات بين أهل الكتاب والمجتمع المسلم؛ وهي تتحرك الحركة الحية؛ في مجالها الواقعي؛ وفق ذلك المنهج الحركي الواقعي الإيجابي الشامل.
وحسبنا هذا التمهيد المجمل لنواجه في ظله النصوص القرآنية الواردة في هذا المقطع:
{قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}..
هذه الآية- والآيات التالية لها في السياق- كانت تمهيداً لغزوة تبوك؛ ومواجهة الروم وعمالهم من الغساسنة المسيحيين العرب.. وذلك يلهم أن الأوصاف الواردة فيها هي صفات قائمة بالقوم الموجهة إليهم الغزوة؛ وأنها إثبات حالة واقعة بصفاتها القائمة. وهذا ما يلهمه السياق القرآني في مثل هذه المواضع.. فهذه الصفات القائمة لم تذكر هنا على أنها شروط لقتال أهل الكتاب؛ إنما ذكرت على أنها أمور واقعة في عقيدة هؤلاء الأقوام وواقعهم؛ وأنها مبررات ودوافع للأمر بقتالهم. ومثلهم في هذا الحكم كل من تكون عقيدته وواقعه كعقيدتهم وواقعهم..
وقد حدد السياق من هذه الصفات القائمة:
أولاً: أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.
ثانياً: أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله.
ثالثاً: أنهم لا يدينون دين الحق.
ثم بين في الآيات التالية كيف أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق.
وذلك بأنهم:
أولاً: قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله؛ وأن هذا القول يضاهئ قول الذين كفروا من قبلهم من الوثنيين. فهم مثلهم في هذا الاعتقاد الذي لا يعد صاحبه مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر. (وسنبين بالضبط كيف أنه لا يؤمن باليوم الآخر).
ثانياً: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، والمسيح ابن مريم. وأن هذا مخالف لدين الحق.. وهو الدينونة لله وحده بلا شركاء.. فهم بهذا مشركون لا يدينون دين الحق..
ثالثاً: يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم. فهم محاربون لدين الله. ولا يحارب دين الله مؤمن بالله واليوم الآخر يدين دين الحق أبداً.
رابعاً: يأكل كثير من أحبارهم ورهبانهم أموال الناس بالباطل. فهم إذن لا يحرمون ما حرم الله ورسوله (سواء كان المقصود برسوله رسولهم أو محمد صلى الله عليه وسلم):
وهذه الصفات كلها كانت واقعة بالقياس إلى نصارى الشام والروم. كما أنها واقعة بالقياس إلى غيرهم منذ أن حرفت المجامع المقدسة دين المسيح عليه السلام؛ وقالت ببنوة عيسى عليه السلام، وبتثليث الأقانيم- على كل ما بين المذاهب والفرق من خلاف يلتقي كله على التثليث!- على مدار التاريخ حتى الآن!
وإذن فهو أمر عام، يقرر قاعدة مطلقة في التعامل مع أهل الكتاب، الذين تنطبق عليهم هذه الصفات التي كانت قائمة في نصارى العرب ونصارى الروم.. ولا يمنع من هذا العموم أن الأوامر النبوية استثنت أفراداً وطوائف بأعيانها لتترك بلا قتال كالأطفال والنساء والشيوخ والعجزة والرهبان الذين حبسوا انفسهم في الأديرة... بوصفهم غير محاربين- فقد منع الإسلام أن يقاتل غير المحاربين من أية ملة- وهؤلاء لم تستثنهم الأوامر النبوية لأنهم لم يقع منهم اعتداء بالفعل على المسلمين. ولكن لأنه ليس من شأنهم أصلاً أن يقع منهم الاعتداء. فلا محل لتقييد هذا الأمر العام بأن المقصود به هم الذين وقع منهم اعتداء فعلاً- كما يقول المهزومون الذين يحاولون أن يدفعوا عن الإسلام الاتهام!- فالاعتداء قائم ابتداء. الاعتداء على ألوهية الله! والاعتداء على العباد بتعبيدهم لغير الله! والإسلام حين ينطلق للدفاع عن ألوهية الله- سبحانه- والدفاع عن كرامة الإنسان في الأرض، لابد أن تواجهه الجاهلية بالمقاومة والحرب والعداء.. ولا مفر من مواجهة طبائع الأشياء!
إن هذه الآية تأمر المسلمين بقتال أهل الكتاب {الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر}.. والذي يقول ببنوة عزير لله أو بنوة المسيح لله لا يمكن أن يقال عنه: إنه يؤمن بالله. وكذلك الذي يقول: إن الله هو المسيح ابن مريم. أو إن الله ثالث ثلاثة. أن إن الله تجسد في المسيح... إلى آخر التصورات الكنسية التي صاغتها المجامع المقدسة على كل ما بينها من خلاف!.
والذين يقولون: إنهم لن يدخلوا النار إلا أياماً معدودات مهما ارتكبوا من آثام بسبب أنهم أبناء الله وأحباؤه وشعب الله المختار، والذين يقولون: إن كل معصية تغفر بالاتحاد بالمسيح وتناول العشاء المقدس؛ وأنه لا مغفرة إلا عن هذا الطريق! هؤلاء وهؤلاء لا يقال: إنهم يؤمنون باليوم الآخر..
وهذه الآية تصف أهل الكتاب هؤلاء بأنهم {لا يحرمون ما حرم الله ورسوله}. وسواء كان المقصود بكلمة {رسوله} هو رسولهم الذي أرسل إليهم، أو هو النبي صلى الله عليه وسلم فالفحوى واحدة. ذلك أن الآيات التالية فسرت هذا بأنهم يأكلون أموال الناس بالباطل. وأكل أموال الناس بالباطل محرم في كل رسالة وعلى يد كل رسول.. وأقرب النماذج لأكل أموال الناس بالباطل هو المعاملات الربوية. وهو ما يأخذه رجال الكنيسة مقابل صك الغفران! وهو الصد عن دين الله والوقوف في وجهه بالقوة وفتنة المؤمنين عن دينهم. وهو تعبيد العباد لغير الله وإخضاعهم لأحكام وشرائع لم ينزلها الله.. فهذا كله ينطبق عليه: {ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله}.. وهذا كله قائم في أهل الكتاب، كما كان قائماً يومذاك!
كذلك تصفهم الآية بأنهم {لا يدينون دين الحق}.. وهذا واضح مما سبق بيانه. فليس بدين الحق أي اعتقاد بربوبية أحد مع الله. كما أنه ليس بدين الحق التعامل بشريعة غير شريعة الله، وتلقي الأحكام من غير الله، والدينونة لسلطان غير سلطان الله. وهذا كله قائم في أهل الكتاب، كما كان قائماً فيهم يومذاك..
والشرط الذي يشترطه النص للكف عن قتالهم ليس أن يسلموا.. فلا إكراه في الدين. ولكن أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.. فما حكمة هذا الشرط، ولماذا كانت هذه هي الغاية التي ينتهي عندها القتال؟
إن أهل الكتاب بصفاتهم تلك حرب على دين الله اعتقاداً وسلوكاً؛ كما أنهم حرب على المجتمع المسلم بحكم طبيعة التعارض والتصادم الذاتيين بين منهج الله ومنهج الجاهلية الممثلة في عقيدة أهل الكتاب وواقعهم- وفق ما تصوره هذه الآيات- كما أن الواقع التاريخي قد أثبت حقيقة التعارض وطبيعة التصادم؛ وعدم إمكان التعايش بين المنهجين؛ وذلك بوقوف أهل الكتاب في وجه دين الله فعلاً، وإعلان الحرب عليه وعلى أهله بلا هوادة خلال الفترة السابقة لنزول هذه الآية (وخلال الفترة اللاحقة لها إلى اليوم أيضاً!).
والإسلام- بوصفه دين الحق الوحيد القائم في الأرض- لابد أن ينطلق لإزالة العوائق المادية من وجهه؛ ولتحرير الإنسان من الدينونة بغير دين الحق؛ على أن يدع لكل فرد حرية الاختيار، بلا إكراه منه ولا من تلك العوائق المادية كذلك.
وإذن فإن الوسيلة العملية لضمان إزالة العوائق المادية، وعدم الإكراه على اعتناق الإسلام في الوقت نفسه، هي كسر شوكة السلطات القائمة على غير دين الحق؛ حتى تستسلم؛ وتعلن استسلامها بقبول إعطاء الجزية فعلاً.
وعندئذ تتم عملية التحرير فعلاً، بضمان الحرية لكل فرد أن يختار دين الحق عن اقتناع. فإن لم يقتنع بقي على عقيدته، وأعطى الجزية. لتحقيق عدة أهداف:
أولها: أن يعلن بإعطائها استسلامه وعدم مقاومته بالقوة المادية للدعوة إلى دين الله الحق.
وثانيها: أن يساهم في نفقات الدفاع عن نفسه وماله وعرضه وحرماته التي يكفلها الإسلام لأهل الذمة (الذين يؤدون الجزية فيصبحون في ذمة المسلمين وضمانتهم) ويدفع عنها من يريد الاعتداء عليها من الداخل أو من الخارج بالمجاهدين من المسلمين.
وثالثها: المساهمة في بيت مال المسلمين الذي يضمن الكفالة والإعاشة لكل عاجز عن العمل، بما في ذلك أهل الذمة، بلا تفرقة بينهم وبين المسلمين دافعي الزكاة.
ولا نحب أن نستطرد هنا إلى الخلافات الفقهية حول من تؤخذ منهم الجزية ومن لا تؤخذ منهم. ولا عن مقادير هذه الجزية. ولا عن طرق ربطها ومواضع هذا الربط.. ذلك أن هذه القضية برمتها ليست معروضة علينا اليوم، كما كانت معروضة علىعهود الفقهاء الذين أفتوا فيها واجتهدوا رأيهم في وقتها.
إنها قضية تعتبر اليوم تاريخية وليست واقعية.. إن المسلمين اليوم لا يجاهدون!.. ذلك أن المسلمين اليوم لا يوجدون!.. إن قضية وجود الإسلام ووجود المسلمين هي التي تحتاج اليوم إلى علاج!
والمنهج الإسلامي- كما قلنا من قبل مراراً- منهج واقعي جاد؛ يأبى أن يناقش القضايا المعلقة في الفضاء؛ ويرفض أن يتحول إلى مباحث فقهية لا تطبق في عالم الواقع- لأن الواقع لا يضم مجتمعاً مسلماً تحكمه شريعة الله، ويصرّف حياته الفقه الإسلامي- ويحتقر الذين يشغلون أنفسهم ويشغلون الناس بمثل هذه المباحث في أقضية لا وجود لها بالفعل؛ ويسميهم الأرأيتيين الذين يقولون: أرأيت لو أن كذا وقع فما هو الحكم؟.
إن نقطة البدء الآن هي نقطة البدء في أول عهد الناس برسالة الإسلام.. أن يوجد في بقعة من الأرض ناس يدينون دين الحق؛ فيشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. ومن ثم يدينون لله وحده بالحاكمية والسلطان والتشريع؛ ويطبقون هذا في واقع الحياة.. ثم يحاولون أن ينطلقوا في الأرض بهذا الإعلان العام لتحرير الإنسان.. ويومئذ- ويومئذ فقط- سيكون هناك مجال لتطبيق النصوص القرآنية والأحكام الإسلامية في مجال العلاقات بين المجتمع المسلم وغيره من المجتمعات.. ويومئذ- ويومئذ فقط- يجوز الدخول في تلك المباحث الفقهية، والاشتغال بصياغة الأحكام، والتقنين للحالات الواقعة التي يواجهها الإسلام بالفعل، لا في عالم النظريات!